الخميس، 28 فبراير 2019

نصائح للمعلم المبتدئ كي يكون ناجحًا


هذه المقالة هي رسالة متواضعة يضعها الباحث أمام أنظار المعلمين أو المدرسين الذين التحقوا بمهنة التعليم حديثًا أو من هم مقبلون على الالتحاق بالمهنة التعليمية في المؤسسات التربوية المختلفة.

المقدمة

لاشك أن مهنة التعليم بشكل عام ودور المعلم بشكل خاص يمتاز بالتعقيد والتشعب بشكل لا يمكن أن ترقى إليه المهن الأخرى مهما كانت معقدة، وذلك يعود لأسباب عدة منها أن المعلم لا يتعامل مع طرف يغلب على واقعه الثبات وإنما طرف متغير هو ( المتعلمين ) وهذا التغير يحدث بشكل دائم ومستمر يحتم على المعلم أن يتماشى معه بشكل طردي كونه تغير حتمي له أسبابه المنطقية والتي تتمثل بظروف داخلية تتعلق بالمتعلمين ومنها (النمو والنضج والقدرات العقلية وما يتبعها من فروق فردية بين المتعلمين) وأخرى خارجية عامة مثل ظروف البيئة الاجتماعية خارج المدرسة، أو ظروف البيئة المدرسية الناتجة عن دور الإدارة وأسلوبها في إدارة المدرسة، أو ظروف البيئة الصفية الناتجة عن قيادة المعلم للصف، وانعكاسها على نفوس المتعلمين وسلوكياتهم.
والتي بمجملها تحتم على المعلم أن يمتاز بشخصية قوية قابلة للتغيير والتكيف مع الظروف الآنفة الذكر وقادرة على التنويع في الأساليب واستخدام استراتيجيات وطرائق تدريسية تناسب المتعلمين والمرحلة العمرية التي يتعامل معها والاختبار الأمثل لهم ولمستوياتهم. وعلى وفق ما تم ذكره نجد أن مهنة التعليم شاقة، ولكنها بالرغم من كل تعقيداتها فهي مهنة جميلة تتصف بالقداسة إلى حد بعيد إذا ما استثمرت بشكل أبوي هادف إلى بناء قدرات الإنسان (المتعلم) وتعزيز شخصيته وإعطائه قوة في مجال الفكر والذات والتمتع بقيم المواطنة. وهذا السر الأساس وراء تميزها بالقداسة ووصفها بمهنة الرسل والأنبياء، ومن ثم جاءت التربية الحديثة وأكدت أهمية المعلم ووضعت له مجموعة من الصفات والشروط التي ينبغي عليه أن يتمتع بها ولو بنسبة معينة منها كي يوصف بالفاعلية والنجاح والمهارة ومن هنا سنذكر بعض منها كما يأـتي:

صفات وخصائص المعلم الناجح

إن أي معلم لا يمكن أن يكون ناجحًا إلا إذا توافرت فيه الخصائص أو الصفات الآتية أو بعضًا منها:
  1. المعلم الناجح هو الذي يؤمن بالتخطيط للتدريس سواء أكان على المدى البعيد أو القريب، ويلتزم بخطوات الخطة ويستعد لها ذهنيًا وينفذها فعليًا وبشكل متكامل قدر الإمكان.
  2. المعلم الناجح هو الذي يجعل من نفسه قدوة للمتعلمين سواء في مظهره او التزامه بالوقت أو تعامله الأبوي معهم وكذلك في صدقه وإخلاصه في أداء واجباته المختلفة.
  3. المعلم الناجح هو المعلم الذي يتبع التعليمات والتوجيهات التي يبلغ بها من الإدارة العليا في مديرية التربية أو قسم الإشراف التربوي.
  4. المعلم الناجح هو المعلم الذي يواكب المستجدات في مجال البحوث ونتائج الدراسات التي تعنى بالعملية التعليمية ويطلع على المصادر المهمة في مجال طرائق التدريس واستراتيجياته وكذلك مجال تخصصه.
  5. المعلم الناجح هو الذي يعد الاختبارات وفق شروط ومواصفات الاختبار الجيد وكذلك يمتلك بنكا للأسئلة بمختلف أنواعها ومستوياتها.
  6. المعلم الناجح هو الذي يتمكن من حفظ أسماء المتعلمين جميعهم أو القسم الأعظم منهم على أقل تقدير وذلك كي يخاطبهم بأسمائهم، ويضفي على أدائه في الدرس صفة السيطرة والتي بدورها تجعل من المتعلمين متابعين يقظين لمجريات الدرس وملتزمين بقواعد السلوك الصحيحة المراد من المتعلم أن يتحلى بها.
  7. المعلم الناجح هو المعلم المتمكن من تخصصه أي أن يكون عارفًا بالمادة التي يدرسها وأن تغلب عليه ثقافة الاختصاص والإلمام بموضوعاته وأن يمتلك رؤى وأفكارا يستند عليها ويستمد منها طروحاته العلمية، كما ويمتلك من مجال طرف أي أن يتصف بثقافة عامة والسبب في ذلك أن المعلم بطبيعة الحال ذو شخصية بجانبين: الجانب الأول هو امتلاكه شخصية قوية ذات نظرة ثاقبة للأمور وتمتلك مؤهلات القيادة للمتعلمين تجعله يتعامل مع المواقف التي تواجهه بالأسلوب الأمثل، والجانب الآخر هو ما يتعلق بالتخصص والإلمام بجزئياته أو الموضوعات ذات العلاقة بالتخصص.[1]
  8. المعلم الناجح هو المعلم القادر على استثارة دافعية المتعلمين وتشويقهم للدرس وجذب انتباههم، وهذا لا يتم إلا بمعرفة المعلم التامة بمستويات المتعلمين وقدرته على تنويع المثيرات، ومن هذه المثيرات طرح أسئلة مثيرة للتفكير والإبداع وذلك يتم باعتماد الحافز التعليمي المتمثل بتشجيع اهتمامات المتعلمين.
  9. المعلم الناجح هو الذي يؤمن بدور المتعلم ويعمل على تعزيز ثقته بنفسه في ضوء الإيحاء المستمر للمتعلمين بأهميتهم وأهمية مشاركتهم في النشاطات التعليمية مهما كانت متواضعة أو غير دقيقة.
  10. المعلم الناجح هو المعلم الذي يمتلك الدعابة وتغلب عليه الفكاهة من أجل تحبيب الدرس للمتعلمين وبشكل يتعلق بالمادة العلمية أولا أو بشخص المعلم ثانيًا بشرط أن لا يمس بأي شكل من الأشكال بشخص المتعلم أو يجرح مشاعره. فضلا عن هذا أن يبتعد المعلم عن الإفراط في الترويح والدعابة.
  11. المعلم الناجح هو الذي يحافظ على الحدود التي بينه وبين المتعلمين في ضوء تحديده لقواعد السلوك في أول لقاء له بهم والتي ينبغي الالتزام بها والسير عليها، وهذه القواعد السلوكية تمثل أسس الضبط وعناصر نجاح المعلم في قيادة المتعلمين وخصوصًا إذا كانت تجمع بين المرونة والحزم في المواقف التي تتطلب ذلك.
  12. أن يتسم بالاتزان الانفعالي وتغلب عليه السيطرة على مشاعره مهما كان الظرف الذي يمر به، ولا تظهر عليه علامات الانفعال مهما كانت صعوبة الظروف التي يمر بها وأن يعود نفسه على التظاهر بالسعادة والراحة وأن يتخذها منهجًا دائم مما يجعل أدائه فعالا ويمكنه من استخدام مصطلحات مفيدة ويطرح أسئلة مثيرة للتفكير ومشوقة تدفع إلى التفاعل المثمر بينه وبين المتعلمين.
  13. المعلم الناجح هو المعلم الذي يجهز نفسه بالوسائل والتقنيات اللازمة لتنفيذ الدرس على شرط أن يكون عارفًا بكيفية استخدامها والمواقف التي يمكن أن تستخدم فيها، كون ذلك ينعكس على مستوى الترتيب والتنظيم الذي يمتاز به المعلم.
  14. المعلم الناجح هو الذي يتمكن من اعتماد اساليب التواصل اللفظي وغير اللفظي في تعامله مع المتعلمين في المواقف التي تعترض مجريات الدرس مثل تغيير نبرات الصوت أو اتباع الحركات المثيرة للانتباه أو النظرات التي تشير إلى أن الفعل غير مقبول والتصرف ملاحظ من قبل المعلم.[2]
  15. المعلم الناجح هو الذي يغلب على أدائه النشاط، أي أنه دائمًا ما يبدأ الدرس بأسلوب يشجع المتعلمين ويستثير دافعيتهم ويكون مدعاة للتفاؤل والاستقرار النفسي ويبتعد بهم عن التهديد والوعيد وكل ذلك لا يتم إلا بطرح فكرة أو مثال يوازن بين المادة العلمية وواقع المتعلمين والمستقبل الذي ينتظرهم.
  16. المعلم الناجح هو الذي يبدأ مع المتعلمين من البسيط الى المعقد ومن السهل الى الصعب مما يمكنه من أن يجعل المشاركة متاحة لجميع المتعلمين ويبتعد بهم عن كل ما يولد لديهم اليأس والنفور من المادة العلمية أو من المعلم ودروسه.
  17. المعلم الناجح هو الذي يعود المتعلمين على آداب الحوار والمناقشة الهادفة التي تخلو من الفوضى والتي تعتمد على تثبيت النقاط الرئيسة التي تمثل جوهر الموضوع على اللوحة وكذلك يحدد نتائج المناقشة على أساس نقاط الاتفاق أو الاختلاف التي تثار حول موضوع المناقشة.
  18. المعلم الناجح هو الذي يوجه أسئلته بشكل عام وإلى جميع المتعلمين وعدم التركيز على أسلوب معين في اختيار المتعلم الذي ينبغي أن يجيب على السؤال المطروح إذ يستخدم مرة أسلوب تسلسل المتعلمين حسب الحروف، ومرة يعتمد الأسلوب القائم على رغبة المتعلم في الإجابة، ومرة على أساس اختيار المتعلم الضعيف، وغيرها من الأساليب التي تبتعد عن الرتابة وتجعل المتعلمين على استعداد دائم.[4]
  19. المعلم الناجح هو المعلم الذي يتغافل عن بعض المواقف التي تواجهه من قسم من المتعلمين ولا يلتفت الى كل قول أو فعل خاطئ يصدر منهم.
  20. المعلم الناجح هو المعلم الذي يقيم علاقات حميمة مع الهيئة التدريسية تمكنه من الاستمرار في مهنته بشكل منتظم، وكذلك يبني علاقات طيبة مع أولياء أمور المتعلمين في ضوء قيامه بمتابعة المتعلمين متابعة مشتركة ومتواصلة مع أولياء أمورهم مبنية على الاهتمام والحرص والتكامل بما يلبي حاجات المتعلمين ويعالج المشكلات التي تواجههم بروح أبوية بناءة.[3]
وانطلاقًا مما تم ذكره من صفات وخصائص للمعلم الناجح قبل ممارسته لمهنة التعليم والتدريس أو عند ممارستها كمبتدئ لابد لنا من أن نعتمد برامج تدريبية خاصة على مستوى المؤسسات التربوية المعنية بإعداد المعلمين وتأهيلهم لممارسة مهنة التعليم، وكذلك المؤسسات التربوية التي تستقطب المعلمين وتمثل سوق العمل الرئيس لهذه الشريحة التي تقع على عاتقها مسؤولية بناء الأجيال ونقل التراث وتطوير المجتمع وازدهاره في ضوء إعداد المتعلمين وتوزيعهم على قطاعات ومؤسسات المجتمع المختلفة.


المراجع
  1. حلاق ، حسان ، طرائق ومناهج التدريس والعلوم المساعدة وصفات المدرس الناجح ، ط 1 ، دار النهضة العربية ، بيروت ، لبنان ، 2006 .
  2. ابو زينة ، فريد كامل ، النموذج الاستقصائي في التدريس والبحث وحل المشكلات ، ط1 ، دار وائل للنشر ، عمان ، الاردن ، 2011.
  3. الربيعي ، محمود داود سامي ، طرائق وأساليب التدريس المعاصرة ، ط2 ، جدارا للطباعة والنشر ، اربد ، الاردن ، 2006 .
  4. السيد ، ماجدة مصطفى ، وآخرون ، التدريس المصغر ومهاراته ، كلية التربية ، جامعة حلوان ، مصر 2007.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق